قدم الآن

شط الأمان 

متى نرغب بالعبور للضفة الأخرى، عند الشعور بالخطر؟ ليست تلك الرغبة الوحيدة ولكن حين يسودنا دافع لتحقيق بعضاً من الطموح، غير مضمون العواقب، فنقوم بالسباحة لنعبر بحار التحدي لأقرب شاطئ نستقر على أرضه طلباً للشعور بالطمأنينة ومن ثم النجاح.

تبدو مثل زهرة برية حاملة كل ما تنطوي عليه أزهار البراري من تألق وحيوية، فايزة،44 عاماً، متزوجة منذ 20 عاماً، كانت تعيش في القاهرة إلى أن قابلت زوجها وأصبحت ربة منزل وأم لثلاثة أبناء أكبرهم 20 عاماً وأصغرهم 12.  لم يرض زوجها في بداية الأمر أن تنزل لسوق العمل حيث يمنع الذكور الشرقية النساء من الاختلاط. أتت الرياح بما لا تشتهي السفن حين اشترك زوجها في مشروع غير محمود العواقب وتوعك مادياً، فأصبح رب الأسرة في حاجة إلى إعادة حساباته خاصة عندما وجد زوجته لديها الإرادة والرغبة في مشاركته الأعباء.

 تمتعت فايزة بنضج فكري وذوق راقي وزادتها التجربة قوة ومناعة ودفعتها إلى المزيد من التأمل في حل مشكلتها.  ساعدتها موهبتها في الخياطة فتعلمت تفصيل مفارش السفرة والستائر. سرعان ما بدأت في بيع المنتجات من المنزل حتى ذاع صيتها في محيط الجيران وذلك لذوقها الراقي وجودة الخامات إلى جانب شخصيتها الاسرية التي تسطو على من حولها وتجعلهم ينقادون إليها باللطف والمحبة.

شاركت فايزة أحد جيرانها في إيجار محل لعرض المفروشات وأطلقت عليه اسم (نسر)، كما سمعت عن مؤسسة التضامن من صديقاتها عام 2017 وقدمت على تمويل فردي مقداره 12000 جنيه ونظراً لاجتهادها وانتظامها في السداد وافقت مؤسسة التضامن لزيادة التمويل إلى 18000 جنيه في الدورة الثالثة عام 2018 وذلك لكي تقوم بشراء ماكينتين للخياطة.

تتمنى فايزة الدخول في صناعة المفروشات من أوسع الأبواب وإنشاء مصنع خاص بها في القاهرة إلى جانب متجرها الصغير. عندما سُئلت عند سر تسمية متجرها (نسر) ذكرت إنه اختصار لأسماء أولادها كما إنه أيقونة الحرية والاندفاع الحيوي والشموخ والأنفة، لا يجاريه في الارتفاع طائر، لا يأكل إلا من صيده الخاص. تنصح فايزة أي سيدة بالسعي وراء طموحها لتحقيق المزيد من الدخل والتحلي ببُعد النظر وعزّة النفس.